في ذكرى البيعة السادسة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، نجد أنفسنا، نعيش في ظلال وطن قوي بقادته، شامخ بإنجازاته، أبي بعزة نفسه، ومتماسك بمبادئه وقيمه التي لا تُعد ولا تُحصى. وحصيلة الإنجازات لهي كثيرة ومتنوعة وشاملة، ليس أولها بناء اقتصاد عملاق، يرتكز على سواعد شباب يتسلحون بالعلم والخبرة، الممزوجة بالعزيمة والإصرار، وليس آخرها تأسيس مجتمع متحضر وواعٍ، يتمتع بكل مزايا المجتمعات الكبرى في دول العالم الأول.

وفي وقت مبكر من حكم خادم الحرمين الشريفين، نال القطاع العقاري كل الاهتمام والعناية، في مسعى منه - حفظه الله - لحل أزمة الإسكان من جذورها، تلك المشكلة التي ظلت مستعصية على الحل لعقود طويلة، وفشلت معها كل المحاولات والمبادرات، لترسخ نفسها أزمة كبرى تعكر صفو نحو 70 في المئة من المواطنين، بمن فيهم رجال أعمال وموظفو دولة من أصحاب الوظائف المرموقة، لا يملكون منازل، وظلوا يتنقلون بين البيوت المستأجرة، ليس لديهم عنوان ثابت، ولا يشعرون بالأمان المجتمعي.

في الأسابيع الأولى من توليه المسؤولية، اتخذ خادم الحرمين الشريفين قراراً أقل ما يُوصف به أنه شجاع، ويشير إلى الحزم والصرامة في علاج المشكلات المتأزمة، بفرض رسوم على الأراضي البيضاء غير المستغلة، هذا القرار لم تكن فكرته جديدة لحل مشكلة ندرة الأراضي الصالحة للبناء، فلطالما نادت به الأوساط الاقتصادية ودعا إليه المواطنون، بيد أنه يُحسب لخادم الحرمين الملك سلمان أنه صاحب الخطوة الأولى في تنفيذ القرار على أرض الواقع.

والقرار لم يكن سوى بداية لسلسة قرارات وتنظيمات انصهرت جميعها لخدمة قطاع العقار، وترتيب أوراقه المبعثرة، وتحديد أولوياته، إلى أن جاءت رؤية 2030 التي أمر بها خادم الحرمين، فكانت طوق النجاة للقطاع، بعدما نجحت في وضع آليات متدرجة، تضمن حل أزمة الإسكان، معتمدة على المصداقية والشفافية التامة أمام المواطن، وبلغت هذه الشفافية ذروتها، عندما أعلنت وزارة الإسكان عن منتجاتها أمام الملأ كل شهر، مستخدمة لغة الأرقام، وتدعو الجميع للحصول على نصيبه من منتجات الدعم السكني.

مثل هذه الآلية، حتماً ستثمر عن قطاع عقاري نموذجي، يدر دخلاً كبيراً لخزينة البلاد عوضاً عن دخل النفط، ويكون قادراً على جذب الاستثمارات من الداخل والخارج.

أقول ويؤيدني الكثيرون: إن قطاع العقار دون سواه، كان أكبر القطاعات الرابحة في عهد الملك سلمان، ومع تنفيذ بقية متطلبات رؤية 2030، سيصبح القطاع مصدراً رئيساً لخلق وظائف للمواطنين، كالمهندسين والمعماريين والمساحين والبنائيين والمستشارين الماليين والقانونيين ومديري المرافق وغيرهم، ويقيني أن العقار في هذا العهد الزاهر سيحقق كل الآمال المتعلقة عليه، ويعود أفضل مما كان، وعاءً استثمارياً آمناً للجميع، ومصدر أمان للمستثمرين.

وعوداً على بدء، نهنئ أنفسنا بذكرى البيعة السادسة لخادم الحرمين، وفيها نجدد الولاء والانتماء إلى هذه الأرض الطيبة المباركة، داعين المولى أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار والنماء.