تشكل تنمية الاقتصاد وتنويعه أحد المحاور الرئيسة لـ «رؤية المملكة 2030» والخطط الاستراتيجية لتطوير الاقتصاد غير النفطي وتنويع موارد الدخل، وفي هذا الإطار يلعب القطاع السياحي دوراً محورياً في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، إذ تسعى المملكة لتعزيز مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ليصبح أحد الروافد الرئيسة للاقتصاد الوطني. ويبدو أُفق القطاع السياحي السعودي واعداً في ظل الاستقرار الاقتصادي والبنية التحتية المتطورة والوجهات السياحية المميزة التي تزخرُ بها المملكة

في الوقت الراهن، تركز المملكة جهودها على الحد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لتفشي جائحة كورونا كما هي الحال في مُختلف دول العالم، وتعزز الحكومة دعمها لقطاعات السفر والسياحة والضيافة نظراً للدور الذي تلعبهُ تلك القطاعات في تسريع وتيرة التعافي الاقتصادي وعودة الحياة إلى سابق عهدها، ويعتبر القطاع السياحي أحد أشد القطاعات تأثراً بالأوضاع الراهنة نتيجة القيود على الحركة والسفر وإجراءات العزل المنزلي المفروضة في غالبية دول العالم. ويتطلب تعافي هذا القطاع تبني إجراءات جديدة من حيث النظافة والتعقيم واتخاذ أقصى تدابير الوقاية والسلامة لرفع مستوى الثقة وعودة القطاع لنشاطه المعهود

وتنقسم استراتيجيات وخطط المملكة لتطوير القطاع السياحي إلى ثلاثة مستويات؛ داخلية وإقليمية ودولية. على المستوى الداخلي، تواصل المملكة تطوير شبكات الطرق والجسور والأنفاق والمطارات الداخلية لتسهيل حركة الانتقال بين مُختلف مناطق ومحافظات ومُدُن المملكة، وعلى مستوى الإقليمي، تسعى المملكة لتعزيز علاقات الأخوَّة والصداقة مع دول الجوار، وتطوير الاتفاقيات المشتركة ومبادرات التعاون لتسهيل حركة العبور ودعم تدفقات السياحة من دول المنطقة. وعلى المستوى الدولي، تنصب جهود المملكة على استقطاب المزيد من السياح والزائرين من مُختلف دول العالم مع التركيز على عددٍ من الأسواق المُستهدفة. وفي هذا الإطار، قامت الحكومة بتسهيل إجراءات الدخول ومنح التأشيرات، وفتحت الباب أمام الاستثمارات الخارجية في القطاع السياحي المحلي، وقدمت العديد من التسهيلات للشركات الدولية للمشاركة في تنفيذ عددٍ من المشروعات الترفيهية والسياحية وتطوير المناطق التاريخية والمواقع الأثرية. وتعزز المملكة حضورها على خارطة السياحة العالمية من خلال تنظيم فعاليات اقتصادية ورياضية وسياسية دولية

كما تتركز الجهود الحكومية على الترويج للوجهات السياحية المميزة التي تزخر بها المملكة، وتسليط الضوء على المرافق الحديثة والبنية التحتية المتطورة من خلال المشاركة في أبرز المعارض والفعاليات السياحية الإقليمية والدولية، وتتميز المملكة بتنوع الوجهات السياحية فيها، من شواطئ والأحياء العريقة في جدة، إلى الوديان والمنحدرات والتضاريس الخلابة في منطقة طويق، والواحات الغناء والطبيعة الساحرة في الأحساء، والمواقع التراثية التاريخية في منطقة العلا وغير ذلك الكثير، وتعمل المملكة على تعزيز الوجهات الترفيهية والسياحية من خلال رفدها بعددٍ من المراكز الترفيهية والفنادق والمنشآت والمشروعات الكُبرى مثل «القدية» التي تُعتبر أكبر مدينة ترفيهية على مستوى العالم. وفي هذا المشهد، يلعب الشباب السعودي دوراً محورياً في قيادة جهود المملكة لتحقيق المزيد من النمو وتنشيط التنوع الاقتصادي. وتضع الحكومة السعودية على رأس أولوياتها تمكين جيل الشباب والمواهب الوطنية ليكونوا قادرين على لعب دورهم الريادي في مُختلف القطاعات وعلى رأسها القطاع السياحي الذي يشكل مجالاً مهماً لتوظيف الكفاءات الوطنية في إطار استراتيجية المملكة لتعزيز مشاركة الشباب السعودي في القوى العاملة

مما لا شك فيه أنَّ العالم ما بعد (كوفيد-19) سيشهد تغيراتٍ جذرية تطال مُخَتَلف القطاعات، وهُنا تكمن أهمية التنويع الاقتصادي للاستجابة للأزمات والحد من تداعياتها ومخاطرها. وتبرزُ أهمية تطوير السياحة في المملكة كقطاعٍ واعد يشكلُ مورداً إضافياً للدخل الوطني وعامل استقطابٍ للاستثمارات الأجنبية في ظل مناخ الثقة الذي يميز الاقتصاد السعودي. ويشكل القطاع السياحي مجالاً مهماً لتوظيف الكفاءات الوطنية ورفدها بخبراتٍ نوعية ومهارات إضافية، وتمكين الشباب السعودي من قيادة مسيرة التنمية في المملكة