هاني خاشقجي

يشكل القطاع العقاري أحد أهم الركائز التي تقوم عليها اقتصادات الدول، ويُعتبر مساهماً رئيساً في نشاط مُختلف القطاعات الأخرى كالصناعة والتجارة والسياحة. وتُعزى قوة هذا القطاع لعددٍ من العوامل من ضمنها استقراره ومتانته في وجه التقلبات، وقدرتهُ على الصمود وتحمُّل تداعيات الأزمات، بالإضافة الى تنوع أنشطته ومجالاته واتساع نطاق خدماته، وقدرته على الحفاظ على قيمة الاستثمارات وتحقيق العائدات المضمونة.

يلعب القطاع العقاري في المملكة دوراً محورياً في تنويع موارد الاقتصاد الوطني، ويعد أحد أهم روافد الناتج المحلي الإجمالي. وقد اكتسب هذا القطاع أهمية أكبر خلال السنوات الماضية مع تنامي توجه الاستثمارات إليه كخيارٍ استراتيجي لتنويع مَحَافظ الشركات وحماية رؤوس الأموال والتحوط في وجه المخاطر التي تؤثر على القطاعات الأخرى. وفي ظل الخُطط والبرامج الطموحة التي تنفذها الحكومة، سيصبح السوق المحلي أكثر جاذبيةً للاستثمارات لا سيما الرياض التي من المتوقع أن تستقطب استثماراتٍ بقيمة 3 تريليونات ريال خلال السنوات العشر المُقبلة.

وتعود جاذبية الرياض للاستثمارات لعوامل عدَّة من أبرزها الثقل الاقتصادي الذي تتمتع به، حيث تصل مساهمتها الاقتصادية إلى ما يفوق 47% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة. ومن المُنتظر أن تشهد مُدُن ومناطق المملكة نمواً سكانياً هائلاً، الأمر الذي يستوجب ضخ استثمارات كبيرة في القطاع العقاري لتوفير البنية التحتية والمرافق السكنية التي تواكب هذا النمو. وفي هذا السياق، من المتوقع أن تشهد الرياض زيادة في عدد السكان بنسبةٍ تفوق الضعف، ليصل عدد سكان العاصمة إلى قُرابة 15 مليونا، الأمر الذي يستوجب تخصيص استثمارات ضخمة للمشاريع السكنية بقيمةٍ تصل إلى تريليون ريال، وهو مؤشرٌ يعكس المستقبل الواعد للقطاع العقاري.

ولا تقتصر أهمية القطاع العقاري على الناحية الاقتصادية، فهو يلعب أيضاً دوراً محورياً في التنمية المُجتمعية وبناء القُدُرات وتطوير الموارد البشرية وتمكين جيل الشباب من خلال إفساح المجال أمام الكفاءات الوطنية السعودية للانخراط في سوق العمل والاستفادة من الفرص المتاحة في مجالات الاستثمار والتطوير العقاري. وفي هذا الصدد، تتكامل خُطط ومبادرات شركات التطوير العقاري مع البرامج والاستراتيجيات التي تنفذها حكومة خادم الحرمين الشريفين لدعم الشباب السعودي وتمكينه من الاضطلاع بدوره على أكمل وجه في قيادة دفة الاقتصاد الوطني. وتضع الحكومة على رأس أولوياتها دعم الكفاءات الوطنية ورفدها بالمزيد من الخبرات النوعية لتمكين الشباب السعودي وفق أعلى المعايير المعمول بها عالمياً.

كما تعمل الجهات المختصة في المملكة على وضع الأُطُر القانونية التي تدعم تمكين الشباب، ومن المُرجح أن تحقق هذه الخطوات نجاحاً كبيراً على صعيد دعم الكفاءات الوطنية لا سيما في القطاع العقاري في ظل الحيوية التي يتمتع بها هذا القطاع بفضل الدعم الذي تقدمه الحكومة. وتشملُ الخطط والمبادرات التي يجري العمل بها حالياً عدداً من التوجهات من ضمنها تشجيع الشركات على زيادة نسبة توظيف الكفاءات السعودية من خلال منح امتيازات للشركات التي تلتزم بالنِسَب المحددة. حيث من المتوقع أن تتزايد الفرص المتاحة للشباب السعودي في القطاع العقاري حيث يجري تنفيذ العديد من المشاريع العقارية والترفيهية العملاقة تماشياً مع استراتيجية المملكة الطموحة لتنشيط القطاع السياحي وتعزيز توافد السائحين وتحقيق مستهدفات "رؤية المملكة 2030". بالتوازي مع ذلك تلعب شركات التطوير العقاري دوراً حيوياً في تطوير مهارات الكفاءات الوطنية وتعزيز تبادل الخبرات مع أصحاب الاختصاص من مُختلف دول العالم من خلال الرعاية والتنظيم والمشاركة في المنتديات والمعارض محلياً وإقليمياً ودولياً، حيث تشكل تلك الفعاليات منصاتٍ للتبادل المعرفي وتعزيز الخبرات واكتساب المهارات النوعية. كما يعمل المطورون العقاريون باستمرار على إتاحة البرامج المخصصة لتأهيل الكوادر السعودية لمزاولة الأنشطة العقارية بأعلى درجات الكفاءة والاحترافية، فضلاً عن زيادة الوعي بالفرص التي يتيحها هذا القطاع. إنَّ التطورات المتسارعة التي نشهدها اليوم تؤكد ضرورة الاعتماد على أبناء وبنات الوطن بوصفهم قادة الغد والضمانة الحقيقية لاستمرارية مسيرة الازدهار في المملكة. وفي هذا الإطار، تساهم شركات التطوير العقاري في تعزيز كفاءات وإمكانات الخبرات الوطنية وتطوير مهارات الشباب السعودي وفق أعلى المعايير لتمكينهم من لعب دورهم الريادي في المشهد الاقتصادي عموماً والتطوير العقاري خصوصاً داخل المملكة وخارجها، فمن المُنتظر أن تتزايد أهمية دور القطاع العقاري في رسم ملامح الاقتصاد الدولي خلال العقود الثلاثة المُقبلة لتغطية النمو السكاني لا سيما في المُدُن التي سيقطن فيها حوالي 68% من سكان العالم بحلول 2050.